دور الانتجاع في حماية التوازن الايكولوجي للمراعي بالمغرب: حالة مراعي امغران بالسفح الجنوبي للأطلس الكبير الأوسط

الملخص

شكلت المعارف والأعراف المحلية بالأرياف المغربية عموما، وعند العشائر التي تمارس نشاط الترحال والانتجاع بالمناطق الجبلية على الخصوص، منظومة قانونية فعالة، لدورها في الحفاظ على التوازنات الايكولوجية للنظم البيئية الرعوية وضمان استدامة موارد الرعي بهذه المناطق التي تتسم بالهشاشة البيئية. لقد استمرت هذه المنظومة لمئات السنين، في أداء دورها في المحافظة على التوازنات الايكولوجية للأراضي الرعوية بالمناطق الجبلية، رغم تراجع دورها في الوقت الحالي، حيث أصبحت أقل استعمالا نتيجة تأثرها بالتحولات البيئية والسوسي-اقتصادية العميقة التي عرفتها هذه المجالات في العقود الأخيرة.

من هذا المنطلق تطرح هذه الدراسة، مسألة التوازنات الايكولوجية بالمحميات الرعوية التقليدية التي أحدثها الأهالي بالمجالات الجبلية، وهي مسألة لها علاقة مباشرة بالتنمية المستدامة، حيث تتساءل الدراسة، لماذا الأنظمة الإنتاجية التي برهنت انها اقتصادية وفعالة في الحفاظ على التوازنات البيئية لقرون بالمجالات الرعوية الجبلية، أصبحت اليوم أقل استعمالا؟ وقد عملت الدراسة، على إبراز الدور الذي لعبته المنظومة القانونية العرفية في تدبير الأرضي الرعوية والحفاظ على توازنها الايكولوجي، عبر دراسة حالة نظام المحميات الايكولوجية العشائرية "نظام أكَدال"، عند قبائل امغران بالسفوح الجنوبية لجبال الأطلس الكبير الأوسط بالمغراب.

وقد انطلقت الدراسة من فرضيتين؛ الأولى هي أن النظام الرعوي القائم على التنقل بالماشية عند قبائل امغران، مثل تكيف تقني إيجابي مع الظروف البيئية ومع تنوع النظم الايكولوجية بالمجالات الرعوية التي يستغلونها. أما الثانية؛ هي أن الدور الكبير الذي كانت تقوم به المنظومة القانونية العرفية لنظام الرعوي عند امغران في تحقيق توازن المحميات الرعوية التقليدية التي أحدثها الأهالي، قد أصبحت أقل استعمالا في الوقت الحالي نتيجة تأثرها بالتحولات السوسيو-اقتصادية الحديثة، وبالتغيرات المناخية وبالتطور التقني. كما اعتمدت الدراسة على مقاربة تأليفية متعددة المناهج، قوامها العمل الميداني من خلال القيام بزيارات لمعاينة المحميات الرعوية، وإجراء مقابلات مع ممثلي الأهالي ومع مختلق المتدخلين في تدبير المحميات الرعوية الاكدال.